القائمة

أخبار  

إرهاب: عواقب إدراج البوليساريو على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في الولايات المتحدة

الاقتراح الذي تقدم به نائبان، أحدهما جمهوري والآخر ديمقراطي، والرامي إلى إدراج جبهة البوليساريو على اللائحة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO)، يعيد خلط الأوراق الدبلوماسية حول ملف الصحراء. ورغم أن هذا الاقتراح لا يكفي بمفرده لإطلاق مسطرة التصنيف، إلا أنه يشكل ضغطا غير مسبوق على وزارة الخارجية الأمريكية. فما هي الآثار العملية المحتملة لمثل هذا الإجراء على الحركة الانفصالية، وعلى داعميها الدوليين — وعلى رأسهم الجزائر — وعلى مسار معالجة النزاع داخل الهيئات متعددة الأطراف؟ تحليل مفصل لهذا المنعطف المحتمل، من زاوية القانون والاستراتيجية والدبلوماسية.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

يقترح مشروع القانون، الذي تقدم به النائبان جو ويلسون (جمهوري) وجيمي بانيتا (ديمقراطي)، تصنيف جبهة البوليساريو كـ«منظمة إرهابية أجنبية» (FTO). ومع ذلك، إذا تم تبنيه، فلن يؤدي إلى تنفيذ الإجراء تلقائيا: ففي القانون الأمريكي، يعود القرار النهائي إلى وزير الخارجية، بعد استشارة وزارة الخزانة ووزارة العدل (وفقا للمادة 1189 من القانون الأمريكي).

ولإقناع الكونغرس وفي النهاية السيناتور ماركو روبيو، يصر جو ويلسون على روابط البوليساريو مع حزب الله وإيران. وقد يشير أيضا إلى التهديدات بالهجمات الإرهابية التي تستهدف المصالح الأجنبية في الصحراء الغربية من قبل مسؤولي الحركة الانفصالية.

إذا نجح «قانون تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية» وتبنت وزارة الخارجية التصنيف «FTO» للبوليساريو، فلنستعرض الآثار العملية في أربع نقاط:

1. الآثار المترتبة على تصنيف FTO في الولايات المتحدة

  • تجميد الأصول: يمكن لوزارة الخزانة الأمريكية أن تجمد الأصول التي تتحكم فيها البوليساريو ضمن نطاق الولاية القضائية الأمريكية. ومع ذلك، فإن هذا التجميد يظل محدودا؛ أما التجميد العالمي فيتطلب تصنيفا إضافيا كـ«إرهابي عالمي مُصنف بشكل خاص» (SDGT) من طرف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC). عمليا، تتوقف العديد من البنوك غير الأمريكية عن تنفيذ تحويلات بالدولار كإجراء احترازي.
  • ملاحقات قضائية بسبب «الدعم المادي»: كل من يقدم أي دعم مادي للمنظمة على الأراضي الأمريكية قد يواجه عقوبة تصل إلى 20 سنة سجنا (وفق المادة 2339B من القانون الأمريكي). يمكن إصدار تراخيص إنسانية كما حدث مع الحوثيين لتأمين إيصال المساعدات الحيوية للمدنيين.
  • التأشيرات والحدود: يصبح أعضاء ومؤيدو المنظمة غير مؤهلين قانونيا لدخول الولايات المتحدة بموجب المادة 212 من قانون الهجرة والجنسية. تبقى بعض الاستثناءات الدبلوماسية ممكنة في إطار الأمم المتحدة، لكن القاعدة تصبح المنع.
     

2. البوليساريو: مصداقية وتمويل تحت المجهر

  • فقدان الهالة «حركة تحرير»: سيضع تصنيف FTO البوليساريو في نفس الفئة القانونية مع حزب الله أو حزب العمال الكردستاني، مما يضعف خطابها المناهض للاستعمار.
  • صعوبات في جمع التبرعات: المنصات المالية الأمريكية ستقطع التعامل معها، والبنوك الأوروبية ستطبق إجراءات احترازية صارمة. أما القنوات المالية خارج منظومة الدولار (مثل العملات المشفرة والبنوك الآسيوية)، فقد تستمر طالما لم تصدر عقوبات ثانوية
  • ضغط على المنظمات غير الحكومية: الوكالات الإنسانية ستضطر لطلب تراخيص من OFAC للعمل في مخيمات تندوف. وأي أنشطة تدريبية أو مناصرة للبوليساريو ستُعد محفوفة بالمخاطر القانونية.
     

3. الجزائر في موقف حرج

  • لا يعني تصنيف البوليساريو كـ FTO تصنيف الجزائر مباشرة كـ«دولة راعية للإرهاب»، فهذا التصنيف يتطلب إثبات دعم ممنهج ومتكرر لأعمال تستهدف مصالح أمريكية.
  • يمكن استخدام قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA) كورقة ضغط في حال أقدمت الجزائر على صفقات تسلح روسية كبرى. لكن لا شيء تلقائي، والقرار سيكون سياسيًا بامتياز.
  • الخسارة الأساسية ستكون على مستوى الخطاب السياسي: دعم مجموعة مصنفة إرهابية يُضعف موقف الجزائر الدفاعي، خصوصًا أن عدة دول في الساحل تتهمها بدعم حركات مهددة للاستقرار الإقليمي.
  • لتخفيف هذا الضغط، قد تضطر الجزائر لدفع البوليساريو إلى نزع سلاح ميليشياته.

4. تداعيات متعددة الأطراف: من «تصفية الاستعمار» إلى «مكافحة الإرهاب»

  • في مجلس الأمن: قد تدفع واشنطن نحو إدراج بُعد مكافحة الإرهاب ضمن تفويض بعثة المينورسو عند تجديدها. يتطلب ذلك إصدار قرار جديد، وتجنب فيتو روسي أو صيني
  • في الاتحاد الإفريقي: بعض الدول قد تأخذ مسافة من «الجمهورية الصحراوية» حرصًا على صورتها. ويمكن حينها التفكير في تعليق عضوية الجبهة إذا حصل تعديل على ميثاق الاتحاد الإفريقي بموافقة 36 دولة عضو.
  • في العلاقات الثنائية: دول كانت مترددة في السابق قد تجد في هذا التصنيف مبررا إضافيا لدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي علنا..

باختصار، إذا ما قررت واشنطن فعليا إلصاق الأحرف الثلاثة المصيرية (FTO) بجبهة البوليساريو، فإن ذلك سيكون أشبه بكاشف كيميائي: سيظهر — ويجعل أكثر تكلفة — التقاطعات السياسية والمصالح التي طالما دعمت هذه القضية بتكلفة رمزية، سواء من طرف الجزائر أو جنوب إفريقيا.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال
OSZAR »